سواء "قررت بنوك سويسرا أنها لن تصبح قِبلة للأموال المنهوبة" كما رأى محرر "ساسة بوست"، أو أن "قصة سويسرا مع أموال الطغاة لم تنته بعد" كما كتب محرر "سويس إنفو"، إلا أن "سويسرا" باتت رمزا لـ"خزائن" الأموال السرية للأغنياء وغير المشروعة للمتهمين بالتهرب أو الفساد، خاصة من المسئولين السياسيين، لا سيما إن كانوا عسكريين انقلابيين.
ومصر التي يتخطى الدين العام المحلي فيها ما نسبته 104%، وما يزيد عن ترليوني جنيه، يستخدمها الانقلاب وقادته العسكريين للتربح، ويبيتونها في ظل "الكارثة" الاقتصادية كمن يبيت في العناية المركزة تعيش على "شحاتة" السيسي وعباس على دعم الخليج خاصة الإمارات، دعم مقطوع الصلة بالـ(90) مليون مصري إلا قليلا من العسكر وسدنتهم المباشرين.
قيمة الدعم
وفي تسريبات (السيسي-عباس) الشهيرة، في 2014، أفصحا أن "الرز" الخليجي وصل إلى نحو 40 مليار دولار، والفلوس المتلتلة بيد "أنصاف دول"، في إشارة للسعودية والإمارات المصدران الرئيسيان للدعم الخليجي المباشر وغير مباشر، وهو ما دعا نائب رئيس الإمارات وأثناء "مؤتمر دعم الإقتصاد المصري" مارس 2015، إلى الإصاح عن جانب من الدعم وكشف أن "الإمارات وقفت مع مصر وبلغ إجمالي ماقدمته خلال العامين الماضيين أكثرمن 14 مليار دولار"، هذا فضلا عن دعم قدره بـ"4 مليارات دولار" أخرى، وهو الرقم نفسه الذي أعلنته السعودية والكويت.
هذا فيما تحدث موقع "دويتشه فيله" في أحد التقارير أن "مجموع المنح الخليجية للسيسي بلغ 36 مليار دولار" بخلاف المنح البترولية والتي كان آخرها منحة سعودية بـ(5 مليارات دولار).
وكتب الصحفي محمد جمال عرفة في 12 فبراير قبل الماضي، رصدًا للدعم الخليجي للسيسي قدره بـ"200 مليار جنيه" وأنه لو قسمنا 200 مليار على عدد سكان مصر 90 مليون سيكون الناتج 22 ألف جنيه لكل مواطن مصري"، وأن إجمالي الدعم السعودي للسيسي بلغ 85.5 مليار ريـال، وأنه لو قسمنا المبلغ على عدد سكان السعودية 20 مليون هيطلع 42750 ريـال لكل مواطن سعودي".
وأحصت حركة شباب 6 إبريل في ذكرى تأسيس الحركة الفائت، جملة ما تحصل عليه قائد الانقلاب بنحو 57 مليار دولار، فقط في 2013، وتساءلت في تغريدة عبر موقع "تويتر" عن "أين ذهب الرز الذي دفعه الخليج للسيسي؟"
أين ذهبت؟؟
ولعل هذا السؤال الرئيس، غير أن الدعم غير المادي يكشف عن أن السعودية أطلقت تحالف العرب مع روسيا من خلال مصر في ٢٠١٤، وتتولى الإمارات حاليًا دعم ذلك التحالف بصفقات تسليح مليارية.
ومن هذه الصفقات التي وقعتها مصر صفقة الطائرات "الرافال" الفرنسية، وصفقة "السفن الميسترال" حاملات الهليكوبتر، وصفقات أسلحة قمع المظاهرات مع 12 دولة أوروبية وفق تقرير هيومن رايتس ووتش (غاز مسيل للدموع- عصي كهربائية- خرطوش – رصاص مطاطي- رصاص حي - أجهزة تعذيب).
علاوة على صفقات السلاح مع روسيا لشراء أجهزة الرادار والدفاع الجوي التي تحتاجها "الميسترال"، وصفقة صواريخ روسية، علاوة على صفقة الطائرات.
ولعل الارتباط التاريخي لهذا الدعم بدأ مبكرًا حتى قبل الانقلاب، وكانت علامته الدالة زيارة رئيس الأركان في فبراير 2013، اللواء صدقي صبحي إلى الإمارات ليكون أول من أعلن ذهابه إلى هناك، بل أعلن أن تدخل الجيش في السياسة وارد وفي "ثواني" بعد تناول "الرز".
دعم الاقتصاد
وبحسن ظن، رأى د.فخري الفقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ومستشار صندوق النقد الدولي سابقا، أن "هذه الأموال لعبت دورا في دعم الاحتياطي النقدي الأجنبي، أما المليارات الأخرى "فتم صرفها على البعد الاجتماعي في تطوير العشوائيات والإسكان الاجتماعي وصرف معاشات الضمان الاجتماعي".
ورأى د.عمرو عادلي، الباحث بمركز كارنيجي، أن هذه الأموال "لم تنجز أي شيء في الواقع بالنسبة لتحسن أحوال المواطنين، "لأن الأموال دخلت في سياق إضراب سياسي وضعف للسلطة في اتخاذ قرارات الإصلاح الاقتصادي".
غير أن "السيسي" أعاد مرارا وتكرارا في مايو 2014 أن "مصر تحتاج إلى سنتين من "العمل الدؤوب" من أجل أن تشهد بداية تحسن في وضعها الاقتصادي".
رز بالذل
غير أنه واليوم الأربعاء، أعلنت وزيرة التعاون الدولى، البدء في مفاوضات مكثفة مع الإمارات، لتخصيص منحة لدعم المشروعات القومية، واحتياطى النقد الأجنبى، البالغ فى مايو الماضى 17.5 مليار دولار، والاتفاق على حجم وآلية وموعد صرف هذه المنحة.
وفي 8 يونيو الجاري، كتبت صحيفة "البيان" الإماراتية ذائعة الصيت مقالا بعنوان "دعم الإمارات والسعودية حصّن مصر ضد الأزمات" أوردت فيه اعتراف السيسي بدعم الدولتين بقوله: "من دون مبالغة أو مجاملة.. كان سندًا كبيرًا لمصر".
واسترشدت الصحيفة التي تعاني من أزمة مالية بفضل تراجع أسعار المفط، بقول سكينة فؤاد، مستشار الصحفي لـ"السيسي"، التي رأت أن إحدى دعائم تعزيز الموقف المصري والنجاحات المحققة "الدور الخليجي الداعم للقاهرة".
وتكون الرسالة الإماراتية والسعودية لمواطنيها أن الحرية والخروج لعزل الطغاة يؤدي إلى العوز!!